تم تكريم الروائي والصحافي العراقي “نزار عبدالستار” في الرابطة الثقافية طرابلس بالتعاون مع دار هاشيت انطوان
خلال الندوة النقدية التي اقيمت لمناقشة روايته الصادرة عن دار “هاشيت انطوان” تحت عنوان “تِرتِر ” بحضور رئيس الرابطة الثقافية الاستاذ رامز فري والدكتورالامير وليد الايوبي والفنان التشكيلي خالد عيط ورئيسة جمعية طرابلس السياحية ، ممثل جمعية الوفاق الثقافية الاستاذ خالد الحجة ، الدكتورة وفاء شعراني ومديرة تحرير مجلة عيون وفاء الاستاذة رندة صادق بركات والدكتور محمود زيادة الشاعر الدكتور جورج شكيب سعادة والدكتورة هلا الحلبي والشاعر الدكتور محمود عثمان وحشد من الادياء والشعراء والاعلاميين ومن المجتمع المدني قدمت الحفل الناقدة والروائية ضحى عبدالرؤوف المل وجاء في كلمتها الترحيبية :” ما تناوله الروائي” نزار عبدالستار” من تصوير وضع المرأة العراقية في ظرف تاريخي محدد في الفترة العثمانية من اواخر القرن التاسع عشر هو التعبير ربما ! عن فكر انتقائي او فكر واقعي تطبيقي او تاريخي منتحل او تاريخي مسجل او هو رؤية له عن ذلك الواقع او تخيل عن ذلك الواقع . لانني لم اجد في الأسانيد التاريخية او سوسيولوجيا المجتمع موروثاً كهذا لا في لمحات من تاريخ المجتمع العراقي لعلي الوردي، ولا وعاظ السلاطين ولا في مهزلة العقل البشري، ولكن يبقى للروائي نزار عبدالستار رؤيته الخاصة بالمرأة ضمن الحدود التي وصفها . لكنني ارى ان المرأة تستحق اكثر من ان نشير اليها بالجانب الذي ورد في رواية ترتر ان كان صدقا او تخيلا . لان المرأة العراقية التي اتشحت بالسواد على مدى القرون تستحق حصة الاسد في الرواية العراقية . لان العراق هو بلد الثقافة والتاريخ والحضارة والشعوب .الا انه بلد الاحزان الذي تدفع ثمنه المرأة وهي المنكوبة دائما على مر التاريخ وهي من تستحق الوسام على صدرها. فألف تحية لها من طرابلس الفيحاء . كما أتمنى من الروائي نزار عبدالستار حصول المرأة العراقية على رواية يتناول فيها صلابتها وشدة صبرها وفهمها لدورها المجتمعي على مدى العصور التي لم اجدها في رواية ترتر. “
اما كلمة الدكتور والمفكر خالد زيادة فجاء فيها :” اعتقد ان نزارقد اشتغل كثيراً على الجانب التاريخي على سبيل المثال الطبيب جرجس الذي يقول انه درس لدى الاباء اليسوعيين في بيروت، وثم ذهب الى فرنسا لكي يتابع دراسته والتخصص في الطب، وعاد الى الموصل سنة 1888. اذ دققنا في الوقائع نعرف أن كلية الطب في بيروت لم تفتتح الا سنة 1883. وينبغي ان يكون جرجس من اوائل الطلاب الذين التحقوا في هذه الكلية . فنحن اذا امام وقائع مدققة، وليس مجرد ذكر لاحداث لا تستند الى التاريخ . هذه المسائل نجدها في هذه الرواية التي استخدمت التاريخ الواقعي ان جاز التعبير لكي ينسج لنا رواية مشغولة بعناية فائقة … وايضا مما جاء فيها “قراءة هذه الرواية قراءة سلسة يتحدث الكاتب في هذه الرواية عن الموصل واعتقد ايضا انه اشتغل وهو ابن الموصل وعمل عملا اكاديميا ان جاز التعبير لمعرفة واقع الموصل والحياة في الموصل حول سنة 1900 لان احدث الرواية تدور قبل مطلع الفرن العشرين بسنوات وبعد القرن العشرين بسنوات قليلة وهذه الموصل في هذا المكان الذي يصوره على هذه الدرجة من البؤس المقيم بمعنى ربما ان الموصل قد تغيرت كثيرا، ولكن هناك بؤس تعيشه مع مطلع القرن العشرين، واعتقد انها عانت بؤسا مشابها مع مطلع القرن الواحد والعشرين معاناة طويلة عاشها العراق الذي اختلف في الموصل كما اختلفت امورا كثيرة، ولكن من بين ابرزها ما يحز في قلب الكاتب ان المئذنة المائلة قد ازيلت في الاحداث الاخيرة، وهذا في مسجد النوري وهذا امر محزن في حقيقة الامر . اعتقد ان هذه الرواية كان بالامكان لو ان عالما انثروبولوجيا ذهب الى الموصل سنه 1900 لكتب اشياء شبيهة بالتي كتبها نزار عبدالستار في هذه الرواية هناك جهد سوسيولوجي وانثروبولوجي لانه يدخلنا في تفاصيل الحياة اليومية والعلاقات الانسانية الصعبة وخصوصا وضع المراة والمعتقدات التي تؤثر في حياة الناس والكثير من الامور الاجتماعية.”
اما كلمة المخرج الدكتور حسام خياط جاء فيها:” ان اول ما لفتني في الرواية صورة الموصل وكذلك ايضا في روايته يوليانا وكأني بالكاتب يحمل صورة مدينته في حله وترحاله ..وللمكان قدسيته عنده وكما تقول الروائية الفلسطينية ” ليانة بدر” في حديث لها :” للمكان قدسية خاصة لدى من تشردوا رغما عنهم، فهو الدلالة والعلاقة الفارقة، بل والسهم الذي يعين اتجاه العودة”ونزار عبدالستار رسام ومصور مبدع. كل عبارة في روايته لوحة باسلوب حياكتها . وفي افتعال الحدث واشعال حاسة البصر لدى القارىء بوسائله السردية ، فالرواية غنية بأحداثها وشخصياتها. غنية بالتفاصيل التي امتلكها الكاتب وراح يرسم بواسطتها صوراً بانورمية لمدينة الموصل آنذاك والتي هي في قلب الحدث العالمي وجزاء منه. فالموصل رمز ونموذج لكل المدن العربية الواقعة تحت نير الاحتلال العثماني والأطماع الغربية الأستعمارية . فالرواية تحكي أزمة مجتمع وأزمة الانسان في هذا المجتمع من جميع زواياه..بإستخدامه لغة بصرية واسلوب تصويري بديع، الأمر الذي أعطى الرواية مكانتها المميزة وبعدها التاريخي العميق حتى كأننا من خلالها نعيش العراق اليوم..
والكاتب كما سبق وذكرت رسام ومصور مبدع كأني به يحمل الكاميرا بيديه ليسجل لقطات جميلة ومتنوعة للاماكن وللشخصيات في الرواية فها هو يسجل لقطة عامة لبطلة الرواية آينورهانز فيقول:”كانت اينور فخاً مغشوشا بإتقان. باعتة البياض وشقراء. لكنها غير مأسورة في فساتينها..” لينقلنا الى لقطة كبيرة لاينور “كلوز close” وجهها طفولي،ويبدو في عينيها المدورتين المفتوحتين بلون تركوازي، على دهشة دائمة.. كل قياساتها دقيقة. التباعد بين الحاجبين . صغر الانف ، وتناسبه مع الفم المزموم على شكل قبلة ..”
اما الناقدة الاستاذة وطالبة الدكتوراه دورين نصر فقالت:”في قراءة نقدية غنية جدا قدمتها لرواية نزار عبد السّتار: ” لقد عالج الروائي ثنائيّات وموضوعات شتّى كالحبّ والحرب والديكتاتوريّة والحريّة والتقاليد والحداثة، إضافة إلى الصراع بين الشّرق والغرب. وقد انطلقت أحداث الرواية من مؤشّرٍ أولّي قوامه وصول الأمبراطور فيلِلهم الثاني في رحلته إلى الشرق. وتقتصر الشخصيات على “آينور” الشخصيّة المحوريّة إضافةً إلى عدّة شخصيّات رئيسة وثانويّة، وقد وظّفها الكاتب لخدمة الشخصيّة المحوريّة. انطلاقاً من تعريف رولان بارت للشخصيّة بأنّها “كائنات ورقيّة يبتدعها الروائي لتؤدي أدواراً مختلفة”( ). واستناداً إلى فيليب هامون، الذي يعتبر بأنّه بين عمليّة التأويل التي يقوم بها القارئ لإدراك مدلولات الشخصيّات، وعمليّة الخلق التي يقوم بها المؤلّف: “تنتصب الشخصيّة كإسقاط لصورة سلوكيّة مسنّنة داخل نوع ثقافي خاصّ”( ) فتغدو الشخصيّة “علامة”، تقوم ببناء الموضوع، ذلك أنّ النّص الأدبي ما هو إلاّ مدوّنة كلاميّة وعلاقته بلغة التداول علاقة مرحليّة، الأمر الذي يجعل الكتابة الأدبيّة أكثر إيحاءً ورمزيّةً بدلالاتها وتراكيبها، عمّا هو تقرير مباشر. فنتساءل إذًا من هي آينور؟ وما علاقتها بالصورة المنتقاة كغلافٍ للرواية؟
وايضا مما جاء فيها :” أمّا من الناحية السياسيّة فنلاحظ كيف بدا اهنتمام الكاتب بالعلاقات الإسلاميّة والعربيّة من جهة، وبأوروبا والغرب من جهة أخرى. لقد سعى نزار من خلال روايته الى إلى رصد المؤثرات الأوروبية المبكرة على العثمانيين منذ مطلع القرن الثامن عشر بعد أن أدركت السلطنة تفوّق الأوروبيين في القوّة العسكريّة. فأخذ السلاطين العثمانيون يجرون إصلاحات تستهدف العلوم العسكريّة بالدرجة الأولى، إلاّ أنّ محاولات الإصلاح اصطدمت بالقوى المحافظة. بدا واضحًا إعجاب السلطنة بما أحرزته أوروبا من تقدّم في العلوم والتقنيات والعمران. لقد حفر نقّب نزار من في التاريخ لينقل إلينا هذه الوقائع في روايته لعلّه يدعونا من خلال ذلك الى التساؤل…”
كما دار نقاشا بينه وبين الحضور ومن ثم شكر الروائي والصحافي نزار عبدالستار رئيس الرابطة الثقافية والمشاركين في الندوة والتكريم ، والحضور واثنى على مدينة طرابلس فيحاء الثقافة والعلم معبراً عن سعادته لوجوده في هذا الصرح الثقافي المميز قبل ان يقدم له رئيس الرابطة الثقافية الاستاذ رامز فري درعا تكريميا