مكتبة الرابطة الثقافية- طرابلس

تشهد مكتبة بني عمار الشهيرة على عراقة علاقة طرابلس بالكتب والمخطوطات منذ القدم. أما اليوم فالظاهرة اللافتة فيها هي تدافع طلاب المدارس والجامعات يومياً بين الثالثة بعد الظهر والثامنة مساءً للحصول على مقعد داخل قاعات مكتبة الرابطة الثقافية الكائنة في قلب المدينة في شارع الثقافة.
“الدايلي ستار” التقت رئيس الرابطة الثقافية المهندس رشيد جمالي الذي جهد منذ أواسط الثمانينات لتحقيق حلم الرابطيين الذين يزيد عددهم عن الألف. وتم افتتاح المكتبة عام 1993 بدعم من فعاليات طرابلس والشمال وبدعم من الرئيس رفيق الحريري الذي مكن الرابطة من إنجاز مشروعها.

• ما سر نجاح مكتبتكم التي تغص بالقراء في زمن قلت فيه القراءة؟
ما يمكن مشاهدته اليوم هو نتيجة عاملين، أحدهما ذاتي والآخر خارجي. فقد أعدت الرابطة كل المتطلبات لنجاح مكتبتها، إذ يدير المكتبة طاقم من الموظفين المتخصصين يعملون بإشراف مدير المكتبة المحامي رامي عموري ويقدمون لروادها وخاصة الطلاب منهم كل التسهيلات والمعلومات اللازمة لأبحاثهم. كما أن كل كتب المكتبة موثقة معلوماتياً بأسمائها وأسماء مؤلفيها ودور النشر والمواضيع التي تتضمنها بحيث يمكن الوصول إلى الكتاب أو المرجع المطلوب من مجموعة واسعة من المداخل. يضاف إلى ذلك أن قاعة المطالعة الرئيسية تحمل ميزات معمارية لافتة تجعل ارتيادها مريحاً بل مشوقاً. أما الأسباب الأخرى للإقبال الشديد على مكتبة الرابطة فيعود إلى تضمين المناهج التربوية الجديدة ضرورة تقديم الطلاب لبحث أو أكثر في كل فصل دراسي وفي مواضيع مختلفة.

• في لبنان مكتبات عامة عدة لكنها لا تشهد إقبالاً كثيفاً كالذي نلاحظه عندكم فما السبب؟

  • نحن نسمح قبل كل شيء لأي طالب بدخول المكتبة، اعتباراً من سن 12 سنة. ونسمح لهم بذلك حتى قبل تسديد رسم الاشتراك وهو أقل من عشرة دولارات لسنة كاملة. كما أن موظفي المكتبة يتمتعون بثقافة عالية وقادرون على إرشاد الطلاب إلى المراجع والموسوعات التي تتناسب مع حاجاتهم البحثية:
    • الإقبال على المكتبة يعود في جزء هام منه لمستوى الخدمات التي تقدمها.

• ما هي الحقول التي يتوجه إليها الطلاب عندكم ؟

  • الأدب والعلوم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحقول التكنولوجيا والفنون. صحيح أننا نعاني بعض الثغرات في بعض الحقول لكن الموسوعات والأسطوانات المضغوطة (وهي عديدة عندنا) تسدها نسبياً. فخدمات الكومبيوتر متوافرة أيضاً عندنا في المكتبة للطلاب، وكذلك الاتصال بشبكة الانترنت.

• علام تحتوي المكتبة حالياً؟

  • تحتوي على أكثر من ثلاثين ألف كتاب تقريباً، والعدد يرتفع شهرياً، 90 في المائة منها باللغة العربية و10 في المائة باللغات الأجنبية، وعلى نحو خاص الفرنسية، وفي إمكاننا أن نقول أن هذه المراجع الأجنبية تلعب دوراً مهماً، لأنها في معظمها موسوعات ومراجع جامعة قدمتها لنا في السابق البعثة الثقافية الفرنسية في لبنان.

• ما هي سياسة الرابطة الثقافية في ما يتعلق بالمكتبة؟

  • جمهور مكتبة الرابطة الشبابي يختلف نسبياً عن جمهور نشاطاتنا الأخرى، فنحن ننظم على مدار السنة محاضرات وأمسيات فنية وموسيقية وندوات ومؤتمرات، وجمهورنا عندها يغدو جمهوراً من الراشدين. لكننا آثرنا منذ العام 1993، وهو تاريخ افتتاح المكتبة الاهتمام أيضاً بجمهور شبابي سرعان ما لاحظنا أنه شغوف بالمادة التي نقدمها إليه ويحتاجها. والواقع أننا في الرابطة كنا ولا نزال نرتقب المزيد من نمو التعليم الجامعي في الشمال، في الجامعة اللبنانية خصوصاً، وفي الجامعات الخاصة الأخرى عموماً.

فعدد الطلاب في فروع الشمال الجامعة اللبنانية مثلاً كان يبلغ في الثمانينات ستة آلاف وفي التسعينات ثمانية آلاف وقد قفز هذه السنة إلى أكثر من عشرة آلاف طالب. وعديدة هي الأبحاث الجامعية والدراسات التي أعدت على طاولات مكتبة الرابطة. إلا أن مفاجآتنا في العامين الأخيرين كانت الإقبال الكثيف جداً لطلاب الثانويات الذين حملوا أبحاثهم إلينا، ذلك أنها أصبحت اليوم جزءاً من عملهم المدرسي، وقد سررنا جداً لهذا الجمهور الجديد الذي يبدو كخلية النحل أمام مدخل قاعات المكتبة وفي داخلها.

• هل يمكنكم أن تعطونا بعض الأرقام حول تطور أعداد رواد المكتبة؟

  • الزيادات في عدد الرواد تتصاعد بشكل لافت، فعدد رواد المكتبة في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2001 تجاوز 12000 قارىء، وتتابع الرابطة باهتمام هذه الظاهرة وتعمل على زيادة قدرة المكتبة على الاستيعاب عبر وسائل مختلفة منها إعادة تنظيم الجلوس وعدد الطاولات والكراسي من جهة بالإضافة إلى تمديد وقت فتح المكتبة من جهة أخرى.

• وهل أفدتم من مبادرات أهلية أو محلية لدعم المكتبة؟

  • كثيرون هم الذين قاموا بمبادرات طيبة، فهذا الكتاب مثلاً لمؤلفه المنلا خسرو، المطبوع منذ أكثر من مئتي عام قدمه إلى الرابطة محافظ الشمال السابق رياض قاوقجي، وكان ضمن مكتبة عائلته. نذكر أيضاً من الذين قدموا مكتباتهم العائلية القاضي أمين الرافعي والشيخ أنور البكري والأستاذ أكرم الصوفي والسفير عبد الله عدرة والرئيس وليد غمرة وكثيرون غيرهم.

• ما هي نسبة الجامعيين وغير الجامعيين في جمهور المكتبة؟ وما هي نسبة الذكور والإناث؟

  • يشكل حالياً الطلاب الجامعيون 40 في المئة من جمهور المكتبة، أما القسم الآخر والبالغ 50 في المئة فهو من الطلاب الثانويين، والباقي مثقفون وباحثون من غير الطلاب، علماً أنه منذ ثلاثة أعوام كانت نسبة الطلاب الجامعيين أكثر ارتفاعاً إذ أنها كانت تبلغ 80 في المئة من رواد المكتبة. واللافت أن عدد الإناث هو حالياً أكبر من عدد الذكور فالإناث يشكلن 60 في المئة من جمهور مكتبتنا خصوصاً بين الثالثة بعد الظهر والسابعة مساءً.

• من أين يأتي معظم هؤلاء الطلاب الذي نشاهدهم في المكتبة؟

  • معظمهم يأتي بالطبع من طرابلس لسهولة المواصلات ولكن هناك طلاب وباحثون من كل الشمال يقصدون مكتبتنا، وأيضاً من مناطق مختلفة من لبنان عندما يتعلق الموضوع بمراجع نادرة لا يمكن إيجادها إلا في مكتبة الرابطة.

الرابطة اليوم كخلية النحل، مكتبتها عامرة،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *