تقف الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية والمعيشية الصعبة في مدينة طرابلس سنة بعد أخرى حائلاً أمام إقامة معرض الكتاب في عاصمة الشمال، بالشكل الذي كان يقام فيه في الماضي، وبجميع أنشطته وفعالياته الضخمة التي طالما اعتادت عليها الجهة المنظمة وأهالي طرابلس ومحبّو المعرض وعموم أهالي الشمال.
يستمر المعرض بنسخته الـ47 هذه السنة حتى يوم غد الأحد. وبعدما افتتح فعالياته في 30 حزيران الماضي، أقيم هذه السنة والسنة السابقة في مركز الرابطة الثقافية في مدينة طرابلس، بدلاً من معرض رشيد كرامي الدولي، لأسباب عدّة أبرزها الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي تمرّ فيها المدينة ومؤسساتها المختلفة.
كثيرة هي التحدّيات التي واجهها المعرض، ولا يزال؛ وهناك العديد من النشاطات والأحداث تم إلغاؤها، والكثير من الفعاليات والأنشطة لم تشهدها المدينة هذه السنة كما في السنتين السابقتين، لأسباب عدّة وفي مقدّمها جائحة “كورونا” تليها الأوضاع الأمنية والإقتصادية وبالتالي أضحت طرابلس من دون أنشطة ثقافية واجتماعية تعبّــر عن صورتها الحقيقية.
أنطلق معرض الكتاب في الأصل من مبنى الرابطة الثقافية سنة 1974، واعتباراً من العام 1998 درجت العادة السنوية على أن ينظّم في معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس. ويعود المعرض اليوم إلى حيث انطلق مجدّداً، أي إلى مبنى الرابطة الثقافية في مقرّها في طرابلس، شارع الثقافة. ويؤكد رئيس الرابطة الثقافية الزميل رامز الفري لـ”نداء الوطن” أنّ “معرض الكتاب كان ولا يزال يعبّر عن صورة طرابلس وعن هويتها الثقافية كمدينة للعلم وحاضنة للعلماء على الدوام”. ويقول: “صحيحٌ أن المدينة تمرّ بأوضاع صعبة على جميع المستويات، لكنّ ذلك لن يمنعنا من ترك فسحة أمل لشباب هذه المدينة وشاباتها، وكل من يملك موهبة ثقافية، شمالية أو طرابلسية. نحن نعتبر أن تنظيم المعرض هذه السنة هو تحدٍّ بكل معنى الكلمة، وأدركنا أنه يجب علينا تحدّي الظروف وعدم الإستسلام لحالة المراوحة القاتلة. فطرابلس مدينة العلم والعلماء، وليست مدينة الشغب كما أراد البعض الترويج، لذلك، صمّمنا على إقامة المعرض كما في السنة الماضية، وهذا بحد ذاته دليل نجاح وخطوة على طريق الأمل وعدم الإستسلام للواقع المأسوي الراهن”.
ماذا تضمن المعرض؟
تضمن المعرض بالإضافة إلى الأجنحة والمعارض الخاصة بالكتب والمنشورات والتكنولوجيا، أكثر من 24 ندوة ومحاضرة وأمسية شعرية وأدبية إضافةً إلى توقيع واطلاق أكثر من 70 إصداراً جديداً لمؤلفين وكتّاب من مختلف المناطق اللبنانية. وحاكت أكثرية الندوات الواقع وتناولت الأزمات التي يعاني منها الوطن والمواطن مع اقتراح الحلول وتوصيف المشاكل، كما تم تنظيم سومبوزيوم الرسم والنحت الخامس يوم الاحد والذي شارك فيه أكثر من عشرين فناناً من مختلف المناطق اللبنانية”.
تحديات مختلفة
في يوم الإفتتاح، كانت طرابلس تشهد توترات أمنية كادت تطيح بكل التحضيرات، وعن ذلك يقول الفري: “جرى تصعيد كبير في المدينة وأعتقد أنه كانت هناك محاولات لأخذ المدينة إلى مكان لا تحمد عقباه. وتلقيت عشرات الإتصالات للاستفسار ما إذا كان المعرض مستمراً وبعضها يطلب التأجيل لأن الاوضاع خطيرة في المدينة والبعض الآخر يعتذر عن الحضور لتعذّر الوصول الى الرابطة بسبب قطع الطرقات، ولكن بالرغم من كل ذلك قرّرت الإتكال على الله والإستمرار كما هو وبمن حضر، ولكن للحقيقة فوجئت بعدد الحضور الذي فاق التوقعات وبلغ يوم الافتتاح ما يقارب 500 شخص، ما يدل على إصرار الناس على الإستمرار وخلق مساحات من الحوار والتعاطي بإيجابية، وخرق جدار الأجواء القاتمة إلى الفضاءات الأرحب، من خلال المعرض وفعالياته”. وجدّد شكره لجميع المشاركين قائلاً: “استطعنا من خلال أيام العمل وما قبلها، تأمين فرص عمل، ولو موسمية، لشباب وشابات في المجالات المختلفة سواء التوضيب والنقل وسائقي الأجرة وأمور أخرى. وهنا أحيي الكتّاب والشعراء والمفكّرين والأدباء والفنانين والرسامين وأصحاب الفكر الذين ينتظرون معرض الكتاب من سنة إلى أخرى، فيستمرون بالرغم من كلّ شيء، بالتدوين والكتابة وينتجون ويبدعون على كل المستويات”، موضحاً أنّ “الحركة الإقتصادية في طرابلس تعاني من شلل تام ولا بدّ من بعض المبادرات لتحريك العجلة الإقتصادية ولو بشكل موسمي، لا أن نقف مكتوفي الأيدي، فكلنا مسؤول وهذه مدينتنا جميعاً. فالمعرض يتيح الفرصة لتشغيل بعض القطاعات، من مطابع ومكتبات ودور نشر وبعض المهن المعنية بتجهيز المعرض وإعطاء فرصة عمل لبعض الشباب والصبايا في الأجنحة المشاركة ولو بشكل موقّت، ونتمنّى أن تبادر المؤسسات الأخرى بأنشطة تعمل أيضاً على تحريك الإقتصاد في المدينة”.
بد الله شحادة الثقافي و تم ايضا توقيع كتاب بعنوان قلم الحياة للشاعر حسام المصري في جناح جمعية الوفاق الثقافية وتوقيع كتاب اخر بعنوان اللؤلؤ المنشور للكاتبة لطيفة خالد في جناح الرابطة الثقافية